التخطي إلى المحتوى

ننشر نص كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام قمة القاهرة للسلام.

افتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي قمة السلام بالقاهرة، والتي طلبت مصر حضورها فيما يتعلق بالأزمة الفلسطينية الإسرائيلية. وجاء نص كلمة الرئيس السيسي كما يلي:

بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الجلالة والسمو.. الملوك والأمراء ورؤساء الدول والحكومات،
أصحاب السعادة رؤساء الوفود،
السيدات والسادة،

نجتمع اليوم في القاهرة، في زمن صعب.. يختبر إنسانيتنا قبل مصالحنا.. يختبر عمق إيماننا بقيمة الإنسان وحقه في الحياة.. ويضع المبادئ التي نحن ندعي أننا نحتضن ونناقش ونفحص.

وأنا أقول لكم بصراحة.. إن شعوب العالم أجمع، وليس شعوب المنطقة فقط.. تنتظر بأعين واسعة.. مواقفنا في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة، إزاء التصعيد العسكري الحالي، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، في إسرائيل والأراضي الفلسطينية.

وتدين مصر بكل وضوح استهداف أو قتل أو ترويع جميع المدنيين المسالمين. وفي الوقت نفسه، أعرب عن دهشته المطلقة من وقوف العالم متفرجًا ويتفرج على أزمة إنسانية كارثية تشمل مليونين ونصف المليون فلسطيني. مكشوفة في قطاع غزة. غزة… تتعرض لعقاب جماعي.. حصار وتجويع.. وضغوط عنيفة للتهجير القسري.. في ممارسات يرفضها العالم المتحضر.. التي أبرمت الاتفاقيات وأرست القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، لتجريمه ومنع تكراره… الأمر الذي يدفعنا إلى تأكيد دعوتنا لتوفير… الحماية الدولية للشعب الفلسطيني والمدنيين الأبرياء.

دعني أسأل بصراحة:

أين قيم الحضارة الإنسانية.. التي بنيناها على مدى آلاف السنين والقرون؟

أين المساواة بين النفوس البشرية.. لا تمييز ولا تفرقة.. أو ازدواجية المعايير؟

لقد بذلت مصر منذ اللحظة الأولى جهوداً متواصلة ليل نهار لتنسيق وإرسال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة المحاصرين، ولم تغلق معبر رفح البري في أي وقت من الأوقات، إلا أن القصف الإسرائيلي المتكرر لجانبها الفلسطيني… من دون عمله.. وفي ظل هذه الظروف البرية القاسية، اتفقنا مع الرئيس الأميركي على تشغيل المعبر بشكل مستدام، بإشراف وتنسيق الأمم المتحدة والأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني. المجتمع… وسيتم توزيع تلك المساعدات، تحت إشراف الأمم المتحدة، على السكان في… قطاع غزة.

السادة المحترمون،
ويجب على العالم ألا يقبل استخدام الضغط الإنساني لفرض النزوح. وأكدت مصر وكررت رفضها التام للتهجير القسري للفلسطينيين ونزوحهم إلى الأراضي المصرية في سيناء، حيث إن ذلك ليس إلا تصفية نهائية للفلسطينيين. ونهاية حلم الدولة الفلسطينية المستقلة.. وإهدار لنضال الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، بل وكل أحرار العالم، على مدى 75 عاماً من عمر الشعب الفلسطيني سبب.

ومن يظن أن هذا الشعب الأبي الصامد يريد أن يترك أرضه، حتى لو كانت هذه الأرض تحت الاحتلال أو القصف، فهو مخطئ في فهم طبيعة الشعب الفلسطيني.

كما أنني أقول للعالم…بكل وضوح ولغة واضحة…وبتعبير صادق عن إرادة الشعب المصري كله…واحداً تلو الآخر: إن تصفية القضية الفلسطينية لن تتم إلا بحل عادل. يحدث…وفي كلتا الحالتين…لن يحدث على حساب مصر…أبدًا. .

السيدات والسادة،

فهل هذه المنطقة مقدر لها أن تعيش إلى الأبد في هذا الصراع؟

ألم يحن الوقت للتعامل مع جذور مشكلة الشرق الأوسط؟

ألم يحن الوقت بعد لرفض الأوهام السياسية التي تزعم أن الوضع الراهن قابل للاستدامة؟ تنفيذ الإجراءات الأحادية.. والاستيطان.. وتدنيس المقدسات.. وتهجير الفلسطينيين من منازلهم وقراهم ومن القدس الشريف؟

مصر.. دفعت ثمناً باهظاً للسلام في هذه المنطقة.. بادرت إليه.. عندما كان صوت الحرب أعلى.. وحافظت عليه وحدها.. عندما كان صوت المزايدات الفارغة هو الوحيد.. ووقف شامخا يقود منطقته إلى التعايش السلمي القائم على العدل.

واليوم تقول لكم مصر بالنصيحة الصادقة: إن حل المشكلة الفلسطينية ليس التهجير، ولا تهجير شعب بأكمله إلى مناطق أخرى، بل الحل الوحيد هو العدالة، وحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة. في تقرير المصير والعيش بكرامة وأمان في دولة مستقلة على أرضهم… مثلهم مثل بقية شعوب الأرض.

السادة المحترمون،
إننا نواجه أزمة غير مسبوقة تتطلب الاهتمام الكامل لمنع تصعيد الصراع الذي يهدد استقرار المنطقة ويهدد السلم والأمن الدوليين.

ولهذا وجهت لكم الدعوة اليوم، لنتحاور معاً ونعمل على التوصل إلى توافق محدد، حول خارطة طريق.. لإنهاء المأساة الإنسانية الراهنة وإحياء مسار السلام، عبر عدة محاور.. بدءاً مع ضمان التدفق الكامل والآمن والسريع والمستدام للمساعدات الإنسانية. إلى أهل غزة…وابدأوا فوراً بالتفاوض على وقف إطلاق النار ووقف إطلاق النار…ومن ثم البدء بشكل عاجل بمفاوضات لإعادة إطلاق عملية السلام المؤدية إلى تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة للعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية.. مع العمل الجاد على تعزيز السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية حتى تتمكن من القيام بمهامها على أكمل وجه في الأراضي الفلسطينية.

السيدات والسادة،
فلنوجه رسالة إلى شعوب العالم.. أن قادته يدركون ضخامة المسؤولية.. ويرون بأم أعينهم فداحة الكارثة الإنسانية.. ويشعرون بألمهم العميق. قلوب، لكل طفل بريء يموت بسبب صراع لا يفهمه.. يأتيه الموت بقذيفة أو قصف.. أو يأتي ببطء، لجرح لا يجد علاجا.. أو جائعا لا يمكن العثور على الطعام.

فلنرسل رسالة أمل لشعوب العالم… بأن الغد سيكون أفضل من اليوم.

شكرا.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *