إنفيديا تعيد رسم خارطة البرمجيات الهندسية باستثمار ملياري وتقنيات ذكية للقيادة الذاتية
في خطوة استراتيجية تعكس طموحاتها للهيمنة على مستقبل الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة “إنفيديا” (NVIDIA) مؤخراً عن توسيع شراكتها طويلة الأمد مع شركة “سينوبسيس” (Synopsys)، مدعومة باستثمار ضخم قيمته 2 مليار دولار. هذا التحرك لا يهدف فقط إلى دمج حلول التوائم الرقمية وسير العمل المعتمد على الذكاء الاصطناعي في البرمجيات الهندسية، بل يمتد ليشمل مبادرات مشتركة تخدم صناعات حيوية مثل أشباه الموصلات، والسيارات، والطيران. يأتي هذا في وقت تسعى فيه الشركة لتعزيز منصات الحوسبة المسرعة الخاصة بها عبر قاعدة عملاء واسعة، مستفيدة من الحلول السحابية والمحلية على حد سواء لترسيخ مكانتها في السوق.
آفاق النمو المالي وتحديات المنافسة
ينظر المستثمرون إلى هذه الشراكة كجزء من رهان أوسع على قدرة إنفيديا على قيادة نمو متعدد السنوات، حيث تشير التوقعات المالية للشركة إلى إمكانية وصول الإيرادات إلى 337.2 مليار دولار بحلول عام 2028، مع أرباح قد تلامس 187.9 مليار دولار. ورغم التفاؤل الذي يعززه ارتفاع سهم الشركة بنسبة 1.65% مؤخراً، في محاولة واضحة لمنافسة أجهزة جوجل للذكاء الاصطناعي، إلا أن المشهد لا يخلو من المخاطر. أبرز هذه التحديات يكمن في توجه كبار عملاء الخدمات السحابية نحو تطوير رقائقهم الخاصة (ASICs) لتقليل الاعتماد على إنفيديا، وهو ما قد يضغط على هوامش الربح مستقبلاً. ومع ذلك، فإن تعميق التعاون مع جهات مثل “HUMAIN” لنشر أجهزة إنفيديا المتطورة في الولايات المتحدة والسعودية يؤكد استمرار الطلب الهائل على البنية التحتية للجيل القادم من الذكاء الاصطناعي.
ثورة في تقنيات القيادة الذاتية
على صعيد آخر، لم تكتفِ الشركة بتعزيز الجانب المالي والاستراتيجي فحسب، بل واصلت دفع عجلة الابتكار التقني عبر إطلاق برمجيات مفتوحة المصدر لتطوير السيارات ذاتية القيادة. فقد كشفت الشركة يوم الإثنين عن برنامج “ألبامايو-آر1” (Alpamayo-R1)، الذي يمثل قفزة نوعية في استخدام تقنيات “الاستنتاج” داخل أنظمة الذكاء الاصطناعي. هذا النموذج الجديد، الذي ينتمي لفئة “الرؤية واللغة والفعل”، يمتلك القدرة على ترجمة ما ترصده مستشعرات السيارة على الطريق إلى وصف لغوي طبيعي، مما يتيح للمركبة فهم محيطها بدقة غير مسبوقة.
شفافية اتخاذ القرار في المركبات
ما يميز “ألبامايو”، الذي استمد اسمه من قمة جبلية وعرة في بيرو تشتهر بصعوبة تسلقها، هو قدرته على “التفكير بصوت عالٍ” أثناء تخطيط مساره. فعلى سبيل المثال، إذا رصدت السيارة مساراً للدراجات، فإن النظام يسجل ملاحظة بأنه يرى المسار ويقوم بتعديل وجهته بناءً على ذلك. هذه الميزة تعالج مشكلة جوهرية في البرمجيات السابقة التي كانت تفتقر إلى توضيح أسباب اتخاذ القرارات، مما كان يصعّب على المهندسين مهمة تحسين معايير الأمان. وفي هذا السياق، أشارت كاتي واشابو، مديرة تسويق المنتجات لمحاكاة المركبات ذاتية القيادة، إلى أن الهدف الرئيسي من جعل هذا البرنامج مفتوح المصدر هو تمكين المطورين والباحثين من فهم آلية عمل هذه النماذج، سعيًا للوصول إلى معايير موحدة لتقييم أدائها وضمان سلامتها على الطرق.









