طفرة في “ظهر” المصري وتحولات كبرى بالسوق الأمريكي.. مشهد الطاقة العالمي يتشكل من جديد
في خطوة تعزز مكانة مصر على خريطة الطاقة الإقليمية، أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية عن تحقيق حقل “ظهر” العملاق لأرقام قياسية جديدة في معدلات الأداء، حيث وصل حجم إنتاجه اليومي إلى 2.7 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي. وقد واكب هذا الإنجاز ضخ استثمارات ضخمة بلغت 741 مليون دولار خلال العام المالي، ليرتفع بذلك إجمالي ما تم استثماره في المشروع منذ بدء عملياته إلى نحو 12 مليار دولار.
وفي هذا السياق، شدد المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، على وجود فرص واعدة للغاية في مناطق البحث والاستكشاف، سواء البرية أو البحرية، تهدف لتعظيم الاحتياطيات البترولية والغازية. وأشار “الملا” إلى وجود تنسيق عالي المستوى مع الشركاء الأجانب لضمان استمرارية تدفق الاستثمارات، وتكثيف عمليات حفر الآبار الاستكشافية والتنموية، مع التركيز على سرعة وضع هذه الآبار على خريطة الإنتاج وتذليل العقبات لخفض التكاليف التشغيلية.
استراتيجيات الحفر وتحديات التناقص الطبيعي
حرص الوزير على توجيه القائمين على منظومة الإنتاج في هيئة البترول وشركات “إيجاس” و”بتروبل” و”بتروشروق” بضرورة اقتناص الفرص المتاحة لتحفيز عمليات الحفر، مؤكداً على أهمية التوسع في استكشاف الطبقات الأكثر عمقاً باستخدام تكنولوجيات حديثة للكشف عن مكامن جديدة.
من جانبه، أوضح المهندس خالد موافي، رئيس شركة “بتروشروق”، أن الشركة نجحت في وضع 13 بئراً جديدة على خطوط الإنتاج بحقول سيناء، بمعدلات أولية تناهز 7300 برميل يومياً. ويأتي هذا الجهد المكثف، المدعوم بأعمال صيانة دورية، لمواجهة التحدي المتمثل في التناقص الطبيعي للمخزون في الحقول القديمة التي تجاوز عمرها الإنتاجي سبعين عاماً.
وتجدر الإشارة إلى أن حقل “ظهر”، الذي اكتشفته شركة “إيني” الإيطالية في البحر المتوسط عام 2015 وبدأ إنتاجه الفعلي في ديسمبر 2017، يُعد الركيزة الأساسية التي أعلنت مصر من خلالها الاكتفاء الذاتي من الغاز. وتقدر احتياطيات الحقل بنحو 30 تريليون قدم مكعب، أي ما يعادل 5.4 مليار برميل زيت مكافئ، متجاوزاً بذلك حقولاً كبرى في المنطقة مثل حقل “ليفياثان”، حيث يساهم منفرداً بـ 40% من إجمالي إنتاج الغاز في مصر بقدرة إنتاجية تلامس 3 مليارات قدم مكعب يومياً.
اندماج أمريكي ضخم يغير معادلة الإنتاج
وعلى الصعيد الدولي، وتحديداً في الولايات المتحدة، يشهد قطاع الطاقة إعادة هيكلة كبرى، حيث تم الإعلان عن صفقة اندماج ضخمة بقيمة 12.8 مليار دولار بين شركتي “SM Energy” و”Civitas Resources”. ومن المقرر أن يخلق هذا الاندماج كياناً عملاقاً في مجال الاستكشاف والإنتاج يمتد نفوذه عبر أحواض “بيرميان” و”دنفر-جولزبرج” و”يونتا”.
ومن المتوقع أن تحتفظ الشركة الجديدة باسم “SM Energy” ومقرها في دنفر، لتدخل قائمة أكبر 10 منتجين مستقلين، بامتلاكها مساحات شاسعة تصل إلى 823 ألف فدان واحتياطيات مؤكدة تقدر بـ 1.476 مليون برميل نفط مكافئ. وتهدف هذه الشراكة إلى توليد تدفقات نقدية حرة تصل إلى 1.4 مليار دولار، مع خطط لخفض التكاليف التشغيلية والإدارية بقيمة تتراوح بين 200 و300 مليون دولار سنوياً.
وتشير التحليلات إلى أن مثل هذه الاندماجات غالباً ما تؤدي إلى تقليص أنشطة الحفر للتركيز على الربحية وخفض الديون، خاصة إذا تراجعت أسعار النفط عن مستوى 65 دولاراً للبرميل. وقد ظهرت بوادر هذا التباطؤ بالفعل، حيث انخفض عدد الحفارات المشتركة للشركتين من 14.6 حفارة في الربع الأول من عام 2025 إلى 12 حفارة في الربع الثالث.
مؤشرات الإمدادات وحركة الشحن العالمية
وبالقراءة في مؤشرات السوق الأمريكي الأوسع، رصدت البيانات تبايناً في نشاط الحفر والإمدادات؛ فقد ارتفع إجمالي عدد الحفارات في الولايات المتحدة ليصل إلى 514 حفارة بحلول الثاني من نوفمبر، بينما شهدت الأحواض التي تركز على السوائل انخفاضاً طفيفاً.
وعلى مستوى البنية التحتية، سجلت عينات خطوط أنابيب الغاز الطبيعي تراجعاً بنسبة 1.3%، وهو ما يُعد مؤشراً على تغيرات في إنتاج النفط، لاسيما في منطقة خليج أمريكا التي شهدت انخفاضاً ملحوظاً، تزامناً مع توقف نحو 670 ألف برميل يومياً من طاقة التكرير بسبب أعمال الصيانة، بما في ذلك مصفاة “بيميكس دير بارك”.
في المقابل، انتعشت حركة الشحن البحري بشكل لافت، حيث رصدت البيانات زيادة كبيرة في حركة السفن على طول ساحل الخليج، إذ تم تحميل 30 سفينة في الأسبوع المنتهي في 22 نوفمبر، مسجلة بذلك مستويات ذروة لم تشهدها الموانئ منذ شهر سبتمبر، مما يعكس ديناميكية متسارعة في حركة تداول الطاقة العالمية رغم تحديات الإنتاج.









