تحركات اقتصادية متسارعة: “المركزي” المصري يرفع الفائدة وتعويم مرن للجنيه.. والبنوك الأمريكية تفتح أبواب “الكريبتو”

في مشهد يعكس تسارع التغيرات الاقتصادية محلياً وعالمياً، شهدت الساحة المالية قرارات مفصلية، بدأت من القاهرة باجتماع استثنائي للبنك المركزي المصري انتهى برفع حاد لأسعار الفائدة، بالتزامن مع تحولات جوهرية في استراتيجيات كبرى البنوك الأمريكية تجاه الاستثمار في الأصول الرقمية.

اجتماع استثنائي وقرارات حاسمة في مصر

قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، في خطوة لافتة خلال اجتماع استثنائي عُقد يوم الخميس، رفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس دفعة واحدة. وبموجب هذا القرار، ارتفع سعرا عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة ليصلا إلى 13.25% و14.25% على التوالي، كما تم رفع سعر العملية الرئيسية والائتمان والخصم بنفس القيمة ليصل إلى 13.75%.

البيان الصادر عن المركزي لم يكتفِ بإعلان الزيادة، بل وضع ملامح جديدة للسياسة النقدية، مؤكداً التزامه بنظام “سعر صرف مرن”، وهو ما يعني أن سعر الجنيه المصري سيعكس قيمته الحقيقية أمام العملات الأجنبية بناءً على قوى العرض والطلب. وبرر البنك هذه الخطوة بضرورة احتواء الضغوط التضخمية الناتجة عن جانب الطلب ونمو السيولة المحلية، خاصة مع توقعاته بأن يتجاوز معدل التضخم مستهدفه البالغ 7% خلال الربع الأخير من عام 2022، وذلك بعد أن أبقى على الأسعار ثابتة في اجتماعاته الثلاثة السابقة.

نحو تغيير ثقافة الارتباط بالدولار

وفي سياق متصل بضبط سوق الصرف، كان محافظ البنك المركزي، حسن عبد الله، قد صرح سابقاً خلال مؤتمر اقتصادي بأن البنك يدرس استحداث مؤشر للجنيه يقيس أداءه مقابل سلة من العملات والذهب، وليس الدولار فقط. وأوضح عبد الله أن الهدف هو “تغيير الثقافة والفكر” السائد بربط العملة المحلية بالدولار، مشيراً إلى أن مصر ليست دولة مصدرة للبترول ليتم ربط عملتها بالورقة الخضراء، ومؤكداً أن الجنيه حقق بالفعل مكاسب كبيرة أمام عملات أخرى كاليورو والليرة التركية، مما يستدعي نظرة أشمل لأداء العملة.

تحول استراتيجي في “وول ستريت”

على الجانب الآخر من المشهد الاقتصادي العالمي، وفي الوقت الذي تسعى فيه البنوك المركزية لضبط التضخم، بدأت كبرى المؤسسات المالية في الولايات المتحدة تغيير بوصلتها الاستثمارية تجاه العملات المشفرة. فقد أصدر “بنك أوف أمريكا” توصية لعملاء إدارة الثروات بضرورة التفكير في تخصيص نسبة تتراوح بين 1% إلى 4% من محافظهم للأصول الرقمية.

وأوضح كريس هيزي، كبير مسؤولي الاستثمار في البنك، أن هذه التوصية تستهدف المستثمرين المهتمين بالابتكار والقادرين على تحمل تقلبات السوق، مشيراً إلى أن الحد الأدنى من النسبة يناسب المحافظ المتحفظة، بينما الحد الأقصى يلائم من لديهم قدرة أعلى على المخاطرة. ومن المقرر أن يبدأ استراتيجيو البنك في يناير المقبل تغطية أربعة صناديق متداولة للبيتكوين (ETFs)، بما في ذلك صناديق تابعة لـ “بلاك روك” و”فيديليتي” و”جراي سكيل”.

سباق البنوك الكبرى نحو الأصول الرقمية

هذا التوجه لا يقتصر على بنك أوف أمريكا فحسب، بل يعكس طلباً متزايداً من العملاء دفع عمالقة المال لفتح أبوابهم لهذا السوق. فقد سبقه “مورجان ستانلي” بتوصية عملائه بتخصيص 2% إلى 4% للعملات المشفرة، واصفاً إياها بالأصل “المضاربي ولكنه ذو شعبية متزايدة”. كما أوصت “فيديليتي” بنسب تصل إلى 5%، وقد ترتفع إلى 7.5% للمستثمرين الشباب.

وفي تطور لافت، ذكرت تقارير أن “فانجارد” ستبدأ السماح ببعض صناديق العملات المشفرة على منصتها، لتنضم بذلك إلى قائمة المؤسسات التي تتيح لعملائها الوصول لهذه الاستثمارات، والتي تشمل بالفعل “تشالز شواب” و”جي بي مورجان”، مما يؤكد أن الأصول الرقمية باتت جزءاً لا يتجزأ من الخيارات الاستثمارية الحديثة رغم تقلباتها.